صندوق النقد و"البنك الدولي" يبحثان دعم الدول الفقيرة المثقلة بالديون
صندوق النقد و"البنك الدولي" يبحثان دعم الدول الفقيرة المثقلة بالديون
دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، الاثنين، الدول الأعضاء فيه إلى توفير دعم أكبر للبلدان الهشة والصاعدة، من خلال تقوية قدرات كل من الصندوق والبنك الدولي اللذين افتتحا في مراكش اجتماعاتهما السنوية.
وقالت غورغييفا في افتتاح هذه الاجتماعات إنها تأمل في أن تنصب النقاشات حول "قدرتنا على تقديم قروض بمعدل فائدة صفر وعلى نطاق واسع" وفقا لوكالة فرانس برس.
وأضافت "العديد من البلدان ترزح تحت عبء الديون وهذا يمكن أن يحطمها.. نأمل أن تمكن هذه الاجتماعات من إعادة بناء الثقة بين البلدان، نحن بحاجة لبعضنا البعض".
آفاق أفضل
ونبه البنك الدولي الأسبوع الماضي إلى أن الآفاق المستقبلية لدول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى "تبقى قاتمة" وسط "تفاقم انعدام الاستقرار" في القارة.
وقالت كريستالينا غورغييفا، في تصريحات لها الخميس: "نتوقع آفاقا أفضل لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في 2024" مشيدة ببعض الدول "لتعاملها الحذر مع التضخم".
لكنها أضافت "الوضع صعب" مشيرة إلى أن أسعار المواد الغذائية تبقى مرتفعة ما يجعل 144 مليون شخص يعانون لتأمين المأكل لهم أو لعائلاتهم.
وأكدت غورغييفا أنها ستحض الدول الغنية والقطاع الخاص على "بذل المزيد لمساعدة الدول النامية".
وقد تشكل هذه الاجتماعات فرصة لإصلاح نظام الحصص المعمول به.
وتحدد الحصص التي تستند إلى أداء كل دولة الاقتصادي، قيمة الأموال التي ينبغي أن تؤمنها لصندوق النقد الدولي وثقلها في عملية التصويت وسقف القروض التي يمكنها الحصول عليها.
وناشدت غورغييفا الدول الأعضاء "تعزيز" مستويات التمويل عبر رفع الحصة التي ينبغي عليها دفعها.
وقالت غورغييفا أيضا إن المجلس التنفيذي للصندوق سيتوسع لإضافة مقعد ثالث لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ما يمنح القارة "صوتا أقوى".
بالنسبة للبنك الدولي فقد أكدت الولايات المتحدة أنها ستدعم رفعا لكل الحصص في خطوة ستبقي على ثقل تصويت كل دولة على حاله.
لكن النقطة الجوهرية تتعلق بتمويل المشاريع والاستثمارات، خصوصا في ما يتعلق بالأولويات التي تعمل عليها المؤسستان المصرفيتان، والمتمثلة في محاربة الفقر ودعم الدول المحتاجة وكذا مواجهة التغيرات المناخية.
إلا أن الدول الرئيسية فيهما ليست متفقة على رفع رأسمالهما، الذي يعني إنفاقا أكبر من جانبها أو تمكين الدول الصاعدة الكبرى مثل الصين والهند من رفع وزنها داخل المنظمتين.
وينتظر أن يضمن البنك الدولي الحصول على 50 مليار دولار إضافية خلال عشرة أعوام المقبلة، بفضل عمليات محاسبية مختلفة.
لكن رئيسه أجاي بانغا يأمل رفع هذا المبلغ إلى 100 أو 125 مليار دولار دون الحاجة إلى تغييرات في بنية الميزانية الخاصة بهذه المؤسسة، وذلك بزيادة مساهمات البلدان المتقدمة اقتصاديا، وقد أعلن العديد منها استعداده لذلك.
لكن من غير المؤكد أن يتم حسم هذا الموضوع في مراكش.
الهوة بين الأغنياء والفقراء
من جهتها تعتبر منظمات غير حكومية أن الحلول التي يطرحها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمدفوعة بهاجس التقشف، توسع في الواقع الهوة بين الأغنياء والفقراء.
ويرى ناشطون أن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يجب أن يركزا عوضا عن ذلك على إلغاء ديون أفقر دول العالم وفرض ضرائب على الأغنياء.
وقالت منظمة أوكسفام إن 57 % من أفقر دول العالم مضطرة إلى خفض الإنفاق العام بما مجموعه 229 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.
وأكد المدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام اميتاب بهار: "يعود البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى إفريقيا للمرة الأولى منذ عقود مع الرسالة الفاشلة نفسها".
وقال: "صندوق النقد الدولي يدفع أفقر الدول إلى حمية تجويع تقوم على اقتطاع في النفقات ما يزيد من انعدام المساواة والمعاناة".
ويعتزم ناشطون تنظيم مسيرة في مراكش لمطالبة صندوق النقد والبنك الدولي ومقرهما في واشنطن، بخطوات جريئة لمواجهة أزمتي المناخ والديون.
وتجمع نحو عشرة فقط منهم الاثنين في أول تظاهرة قبالة مقر مركز الاجتماعات لمطالبة المشاركين "بالكف عن تمويل الطاقات الأحفورية".
الاجتماعات السنوية
وبدأت هذه الاجتماعات في مراكش، عاصمة السياحة المغربية، لأول مرة في القارة الإفريقية منذ خمسين عاما.. فيما تتعرض المؤسستان الماليتان لضغوط لاعتماد إصلاحات تتيح توفير مساعدة أفضل للدول الفقيرة المثقلة بالديون والرازحة تحت تداعيات التغير المناخي.
وتستمر أسبوعا كاملا ويشارك فيها وزراء مال وحكام بنوك مركزية ورؤساء شركات وشخصيات أخرى.. وتأتي بعد شهر من زلزال عنيف قضى فيه نحو ثلاثة آلاف شخص في ضواحي المدينة.
وجرت العادة أن تنظم المؤسستان الماليتان الدوليتان كل ثلاثة أعوام اجتماعهما بعيدا عن مقريهما في واشنطن، للاقتراب أكثر من مناطق نشاطهما.
وتعود الاجتماعات السنوية الأخيرة للمؤسستين الماليتين العالميتين في إفريقيا إلى عام 1973 عندما استضافت كينيا هذا الحدث فيما كانت لا تزال بعض دول القارة تحت سلطة الاستعمار.
بعد نصف قرن، لا تزال القارة الإفريقية تواجه سلسلة من التحديات تراوح بين النزاعات والانقلابات العسكرية والفقر والكوارث الطبيعية.
بعدما عبثت جائحة كوفيد-19 بالاقتصاد العالمي، تسبب الغزو الروسي لأوكرانيا في ارتفاع هائل في أسعار الطاقة والمواد الغذائية في العالم.